مجلة الوعي الاسلامي
في الثامن والعشرين من شهر سبتمبر عام 1964 ميلادية صدر قرار مجلس الوزراء باستثناء وزارة الأوقاف من القرار الصادر عام 1964 والقاضي بإيقاف المجلات التي تصدرها الجهات الحكومية والتصريح لها بإصدار مجلة دينية... فصدر أول عدد منها في محرم 1385هجري الموافق مايو 1965 ميلادي..
الهدف
ومنذ البداية حددت لنفسها هدفا أساسيا هو نشر الفكر وتنمية «الوعي الإسلامي» وتأكيد الهوية الإسلامية لدولة الكويت ومتابعة المشكلات المعاصرة وطرح المعالجات والدراسات الخاصة بها.. واتخذت لنفسها سياسة البعد عن الخلافات السياسية والمذهبية... وكان للسيد خالد أحمد الجسار الفضل بعد الله سبحانه وتعالى في بزوغ هذا المشروع إلى دائرة الضوء عندما كان وزيرًا للأوقاف.
ولكنها صدرت بعد انتقاله إلى وزارة العدل وزيرًا لها، ولذا فإن في مقدمة العدد الأول كلمتين إحداهما لوزير الأوقاف السيد عبدالله مشاري الروضان الذي قال: «أقدم لكم العدد الأول من مجلة «الوعي الإسلامي» التي تصدرها وزارة الأوقاف بالكويت، لتقف بجانب زميلاتها من المجلات الإسلامية في المعركة الفاصلة التي اجتمع فيها أعداء الإسلام وخصومه على حربه، واستخدموا مختلف الأسلحة ـ في الميادين العقائدية والثقافية والجبهات السياسية والاقتصادية ـ لمناوأته، وسلاحنا في هذه المعركة أقلام المجاهدين من قادة الفكر الإسلامي في كل مكان..
والأخرى لوزير العدل صاحب فكرة هذا الإنجاز الطيب السيد خالد أحمد الجسار الذي قال: «آمل أن يكون النهج الذي تنهجه مجلتنا الجديدة «الوعي الإسلامي» بعيدا عن كل ما يعكر صفو رسالتها، وأن يكون رائدها الحق ترفع صوته، وتذود عنه بكل صراحة ووضوح، وأن تعْرضَ الإسلام في ثوب قشيب محبب للقراء، وأن تساهم في النهضة الفقهية التشريعية التي يتطلبها مجتمعنا، وأن يعالج كتابها مشكلاتنا الجديدة على هدى من الشريعة».
البراعم
وفي شهر رجب 1395 الموافق يوليو من عام 1975 خطت مجلة «الوعي الإسلامي» خطوة متطورة حين أصدرت ملحقا خاصا بالطفل المسلم تحت عنوان «براعم الإيمان» في 16 صفحة ملونة توزع مجانا مع مجلة «الوعي الإسلامي».. وتعمل على غرس القيم والمبادئ الإسلامية في نفوس فلذات أكبادنا منذ الصغر لإخراج جيل مؤمن قادر على صناعة الحياة بعزم واقتدار... وكان لرعاية المغفور له بإذن الله تعالى الأمير الراحل سمو الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح لمجلة «براعم الإيمان» صدور 100 ألف نسخة من المجلة ولعدة شهور الأثر في دعم هذا المولود الجديد والاستمرار في اصداره...
وكان المشرف العام على مجلة «الوعي الإسلامي» عند صدورها هو وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية آنذاك عبدالرحمن المجحم، وقد قادها قيادة حكيمة، وجعل لها مكانة بين المجلات المتخصصة لا في الكويت وحدها بل في عدد من الدول.
أما أول رئيس تحرير للمجلة فهو الشيخ الدكتور عبدالمنعم النمر وهو أحد علماء الأزهر المعروفين بمؤلفاتهم، وبذودهم عن الإسلام والمسلمين، وقد اختار للعمل بها صفوة ممتازة من شيوخ وشباب الأزهر لمساعدته في القيام بأعباء تحريرها وإصدارها، وقد صار وزيرًا للأوقاف في مصر بعد ذلك، واجتهد في عمله تاركا أطيب الآثار عندما غادر هذا المنصب بعد أن بدأ المرض يغزو جسمه وهو المرض الذي توفي على إثره.
يقول الشيخ النمر في افتتاحية العدد الأول: «رأت وزارة الأوقاف أن تقوم بعبئها في هذا المجال، فأصدرت مجلة «الوعي الإسلامي» التي يصافحك الآن أول أعدادها، ومن أجل ذلك وجهت الدعوة إلى قادة الفكر، وحملة الأقلام من رجالات الإسلام المعنيين بالدراسات الإسلامية في الشرق والغرب، ليسهموا معها في تحمل هذا العبء، وقد كان اللقاء الفكري فيما حمل إلينا البريد من بحوثهم الضافية ـ أمرًا يبعث على التفاؤل».
شكل المجلة
بدأت مجلة «الوعي الإسلامي» بإخراج فني بسيط وطباعة باللونين الأبيض والأسود وبعدد صفحات قليلة ومواضيع محدودة ومع ذلك استطاعت المجلة أن تكون نبراسا للمسلمين في داخل دولة الكويت وخارجها، خاصة طوال حقبة الستينيات والسبعينيات، حيث كانت الإصدارات الإسلامية قليلة جدا وبعدها شهدت المجلة تحديثات مستمرة في الموضوعات والأبواب وذلك بإضافة أبواب جديدة تناسب التطور العلمي وتحتوي حاليا على 100 صفحة وبإخراج فني مميز...
وتتنوع اهتمامات وأبواب المجلة وتضم في طياتها العديد من الموضوعات كالتحقيقات والحوارات، والاستطلاعات الصحفية المصورة، إلى جانب البحوث والمقالات في علوم القرآن الكريم وتفسيره، وعلوم الحديث النبوي الشريف، والمقالات العلمية والطبية والاجتماعية والســياسية والأدبية وغيرها... وينشر فيها شهريا أكثر من 30 مقالا وموضوعًا في العدد الواحد.
وتمثل مكتبات المدارس والمساجد معارض دائمة للمجلة طوال العام.. إذ يتم إهداء المجلة بانتظام شهريا لها حيث يقبل عليها الطلاب ورواد المساجد.
كتاب المجلة
رُفدت المجلة بأقلام رائدة من العلماء والمفكرين والمثقفين ضمت أكثر من 40 شخصية من مختلف الدول الإسلامية أبرزهم الشيخ محمد الغزالي والشيخ ابن باز والشيخ أبوالحسن الندوي والشيخ أبوالأعلى المودودي والشيخ عبدالعزيز المطوع والشيخ محب الدين الخطيب والشيخ سيد سابق والأستاذ أنور الجندي والشيخ مالك بن نبي والشيخ عبدالله النوري والشيخ الألباني والشيخ مصطفى الزرقا والشيخ محمد عبداللطيف السبكي والشيخ عبدالله كنون والشيخ أحمد الزيات والشيخ حمد الجاسر والشيخ علي عبدالمنعم، والشاعر محمود غنيم والدكتور عبدالله العربي، والشيخ محمد المدني والدكتور أحمد كمال زكي، والأستاذ صالح العثمان، وغيرهم الكثير أسهموا بنتاج فكرهم وأمدوها بأبحاث ومقالات ذات أهمية والتي جعلت القراء يرتبطون بها ارتباطا وثيقا لما يجدونه فيها من منافع جمة، ومن تنوع ضمن النهج العام الذي استقرت عليه منذ بداية صدورها.
طريق المجلة
وقد مضت «الوعي الإسلامي» في طريقها الذي رسمه لها المؤسسون وفي كل عدد جديد تزداد تألقا، وتتنوع موضوعاتها ويكثر كتابها، ولكنها في السنوات القليلة الماضية بدأت في التراجع في ظل الثورة المعلوماتية، ومع ذلك تحافظ على نفسها، وتعود إلى صدارة المجلات ذات الاتجاه الثقافي الديني.
ففي فترة الستينيات من القرن الماضي كانت توزع المجلة فيما يقرب من سبعة عشر بلدا وكان ثمنها في دولة الكويت خمسين فلسًا لا غير وزادت كميات توزيعها وانتشارها في دول لم تكن قد وصلتها من قبل مثل أوروبا حتى وصل توزيع المجلة في بعض الأوقات إلى 100 ألف نسخة توزع في جميع أقطار العالم.
وفي هذا الإطار طبع من مجلة «الوعي الإسلامي» حتى الآن سبعة ملايين ونصف المليون نسخة.. وهي حاليا تطبع 28.500 نسخة شهريا توزع في معظم الدول العربية والإسلامية.
رسائل علمية الوعي والبراعم
حصل باحث من جمهورية مصر العربية على رسالة ماجستير حول مجلة «الوعي الإسلامي» منذ سنتين تقريبا، كما حصل باحث آخر من لبنان على رسالة الدكتوراه حول مجلة «براعم الإيمان» منذ 10 سنوات تقريبا، وأيضا وصل للمجلة طلب من منظمة الإيسيسكو لترجمة مجلة «براعم الإيمان» للغات الأخرى.
لماذا الإصدارات؟
إن مجلة «الوعي الإسلامي» مجلة تعمل وفق مجموعة من الغايات بهدف ترسيخ الفكر الإسلامي المعتدل والفهم الصحيح للإسلام.. وبناء نموذج متميز للإعلام الإسلامي الهادف... وتعزيز الانتشار الثقافي الإسلامي... والمساهمة في المعالجة الفكرية للمشكلات الإسلامية المعاصرة.
وقد سعت مجلة «الوعي الإسلامي» منذ صدورها إلى إثراء المكتبة الإسلامية بالجديد والنافع والمفيد.. فأصدرت كتبا قيمة ومفيدة وهادفة وذات اتجاه فكري هادف آخرها:
لا إنكار في مسائل الاجتهاد
التجديد في التفسير
مقالات للشيخ الغزالي في مجلة «الوعي الإسلامي»
مقالات الشيخ ابن باز في مجلة «الوعي الإسلامي»
موسوعة الأعمال الكاملة للإمام الخضر حسين
علماء وأعلام كتبوا في «الوعي الإسلامي»
الاجتهاد بالرأي في عصر الخلافة الراشدة.
كيف تبدو فصيحا؟
وأصدرت المجلة مجموعة من البوسترات المتنوعة منها:
جدول الميراث
الدول الإسلامية في العالم
الخلفاء الراشدون
عصر الخلفاء الأمويين
خلفاء العصر العباسي
المسلمون في الأندلس
الدولة العثمانية
سلسلة أسانيد القرآن
وأيضا أصدرت مجلة «الوعي الإسلامي» كتابا من أربعة أجزاء «الكشاف العام لمجلة «الوعي الإسلامي». وهو كتاب توثيقي علمي لموضوعات المجلة وكتٌابها خلال مسيرة العطاء التي امتدت أكثر من أربعة عقود.
وأصدرت المجموعة المصورة الكاملة لمجلة «الوعي الإسلامي» عبر مسيرتها التاريخية بصيغة pdf.
ختامًا
إن لمجلة «الوعي الإسلامي» صدى كبيرا وانتشارا واسعا في العالم الإسلامي فهي مجلة كويتية المنشأ ولكنها عالمية الرسالة، فهي تهتم بشؤون المسلمين في جميع أنحاء العالم، وتعمل على ترسيخ وتأصيل الهوية الإسلامية وتعزيز الشعور بالانتماء للأمة.
وهكذا تبقى المجلة منارة للوعي الإسلامي التي تصب في نهر الحضارة الإسلامية وهي ذلك المعين المتدفق الذي يسمو بنا فوق ما هو محسوس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق