مع تقدم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتطورها أصبحت عملية توفير المعلومات على شبكة الإنترنت عملية سهلة وممتعة؛ وعلى ذلك فقد تنوعت سبل الوصول إلى المعرفة بشكل عام، وعليها فقد أضحى العالم المعلوماتي أحد الركائز الأساسية للتعلم وبناء الثقافة واتساعها، فحينما نتحدث عن بناء الثقافة والمعرفة فإننا لا نغفل عن دور الكتاب الأول في تبني ونشر -وكذا تبادل المعرفة- بين أنحاء هذا العالم، فمن يدرك ذلك جيّدًا فسوف يعلم أنَّ هذا الكائن الجامد ذو قيمة ماديّة ومعنويّة هامّة يكاد من خلالها أن يكون كائنًا حيًّا يحادث قارءه ويحاوره ويجادله.. يحاكيه ويسلّيه ويواسيه؛ حتّى أصبحت تلك العقول الكاتبة وعاءًا ينضح أمامك بمجرد التنقل في أرجائه وتقليب صفحاته، لكن أن نجد الكتاب اليوم يجمع بين تطور التقنية وثورة المعلومات، لا شك أنه أمرٌ ليس بغريب، فلقد أضحى الكتاب الإلكتروني نافذة جديدة يطلُّ بنا على عالم الثقافة الواسع.
(e-book ) :
الكتاب الإلكتروني أو كما يسمّى (e-book ) : عبارة عن ملف نصي يشبه في ترتيب محتواه الكتاب المطبوع، ويتم كتابته بعدة صيغ وأنساق مختلفة كما سيتم إيضاحها، كذلك فإن أحجام الملفات المكتوبة من الكتب الإلكترونية تتراوح حتى أكثر من ميجابايت في بعض الأحيان، وذلك بحسب ما تحتويه من نصوص وصور ومواد أخرى.
أول نوافذه !
فيما يتعلق ببدايات الكتب الإلكترونية، فقد كانت بوادر انتشارها إثر التقدم السريع والمستمر والذي حصل في مجال الطباعة وتخرين المعلومات إلكترونيًّا باستخدام الحواسِب، علاوةً على ذلك أصبح شراء الكتب الإلكترونية أمرًا ملحوظًا في مواقع التجارة على الشبكة العالمية والتي تسمى بالمتاجر الإلكترونية أو المكتبات الإلكترونية.
صيغ الكتب الإلكترونية :
يستطيع كاتب نص الكتاب الإلكتروني تشفيره وحمايته، بحيث يمنع على القارئ أن يقوم بنسخِه أو تعديله، لكنه يدع للقارئ الحرية في إمكانية طباعة الكتب والاحتفاظ بها كنسخة ورقية، وتتعدد الصيغ والأنساق المستخدمة في حفظ الكتب بشكل إلكتروني وإمكانية طباعتها تبعًا لمحتواها، فالكثير من شركات الطباعة تعتمد على بعض الصيغ وبشكل رئيسي في صناعة الكتب ونشرها ولعل أبرزها :
- صيغة ( CHM ) : والتي من خلالها يمكننا حفظ النصوص بأحجام مختلفة، وإضافة الصور الرقمية.
- صيغة (PDF ) : وهو النوع الدارج والمستخدم بكثرة بين الناس لا سيما الشركات الكبرى التي تعنى بطباعة الكتب، لما له من مميزات خاصة تفتقدها الكثير من الأنساق أو الصيغ الأخرى، كإمكانية تشفير النص بحيث لا يستطيع أحد نسخه كما هو مكتوب، وكذلك فإنه بالإمكان طباعة كامل صفحات الكتاب وإن لم يكن ذلك مناسبًا لك فهناك خيار لتعطيل هذه الخاصية عند صنع الملف، وهذا ما ساعد على سرعة انتشاره كصيغة أساسية في الاحتفاظ بحقوق الكتاب، علاوةً على ذلك فإن من أبرز عيوب هذه الصيغة وهي الذاكرة الكبيرة التي تستهلكها قبل فتح الملف مما يسبب أحيانًا بطء أداء الحاسوب.
- صيغة (TXT - RTF ) : وهما من أبسط أنواع الكتب الإلكترونية، نظرًا لسهولة إنشائهما في نظام مايكروسوفت ويندوز وذلك في برنامج Notepad أو برنامج WordPad فالأخير يدعم تغيير نوع الخط، وحجمه ولونه ونوعه لأي جزء محدد من النص، وكذلك يمكن إدراج صور، بينما لا يدعم البرنامج الأول هذه الخصائص.
أشهر المكتبات الرقمية في الشبكة العنكبوتية :
1. مكتبة المسجد النبوي www.mktaba.org : تقوم هذه المكتبة بجمع كل الكتب الإسلامية في صيغة إليكترونية ووضعها في قواعد بيانات وإتاحة البحث فيها للباحثين والرواد في داخل المكتبة.
1. المكتبة الشاملة www.shamela.ws : يتميز موقع المكتبة الشاملة بالترتيب والتنظيم الفائق واحتوائها على العديد من الأقسام المتنوعة في مجال : العقيدة والتفسير وعلوم القرآن والحديث واللغة والأخلاق وغيرها الكثير بالإضافة إلى عدد من الكتب المصورة.
2. المكتبة www.almaktba.com : يعد موقع المكتبة أكبر دليل للكتب الإسلامية والعربية في الشبكة، ويتميز بالتصنيف الدقيق وشموله على الكثير من الأقسام المتنوعة ومنها : الإسلامية، والأدبية، والتاريخية، والسياسية، كذلك تطوير الذات وغيرها من الأقسام النادرة، ويتميز الموقع أيضًا بسهولة التصفح للكتب والأقسام وكذلك إمكانية البحث السريع.
3. المكتبة العربية www.abooks.tipsclub.com : تتميز المكتبة العربية عن غيرها من المكتبات؛ حيث إنها تمثل أكبر تجمع للكتب العربية الإلكترونية على مستوى العالم، حيث نشأت المكتبة العربية لتوثيق صلة المستخدم العربي بشتى منابع العلوم والمعرفة وللحفاظ على الكتب العربية وتوفيرها لكل العرب في كل أنحاء العالم.
4. مكتبة الورَّاق www.alwaraq.net : تضم مكتبة الوراق الآلاف من الكتب التراثية والمراجع العديدة، كما أنها تتميز بأسلوب سهل في البحث عن الكتب والمؤلفين والكلمات وتعد متخصصة جدًّا في محتواها والتي تقتصر كما قلنا على الكتب التراثية العربية.
5. مكتبة المشكاة الإسلامية www.almeshkat.net : وهي مكتبة إسلامية تعنى بالجانب العقدي والفقهي وغيرهما من الأمور الدينية كما أنها تحوي قرابة (3424) كتابًا، تتميز بدقة تصنيفها وسهولة التصفح والبحث، بالإضافة إلى سهولة التحميل.
6. مكتبة الكتب المصورة www.almaknaz.com : تعد من أول المكتبات المتخصصة في نشر الكتب الإلكترونية المصورة، وتتميز بطرق تصنيف مميزة تبعًا للتصنيف العالمي.
الكتاب الإلكتروني بين الرفض والقبول !
مع انتشار ثقافة الكتب الإلكترونية اليوم تباينت آراء العامة ما بين مؤيد ومعارض لها، فالبعض لجأ إلى تبني ثقافة الكتب الإلكترونية هروبًا من الكتب المطبوعة والتي تعد ذا كلفة باهظة نوعًا ما، وعلل تأييده بالوقت والجهد اللازمين في البحث عن الكتب المطبوعة في المكتبات والذي قد يصادفه الأمر بنفاذها من السوق أو انقطاعها، فيما كان للرأي الآخر أسباب أخرى تجعله بعيدًا عن الكتب الإلكترونية متمثلة في أن الكتاب المطبوع يعد البديل الآمن في البحوث والحصول على المعلومات بعيدًا عن التحريف وسرقة الحقوق، وكذلك إمكانية اصطحاب الكتاب في أماكن مختلفة، بالإضافة إلى دوره الواضح في تشجيع الكثير على تقليب صفحاته والنظر فيه بمجرد أن يقترب من أيديهم، وقد كان هذا السبب محفزًا لبعض القراء على قراءة الكتب في بادئ أمرهم، لاسيما أن قرب الكتاب من الأشخاص في حياتهم اليومية يحفّز الكثير منهم على حبه والتفاعل معه والبعد عن النفرة منه.
مكتبتك الخاصة !
رغم التطور الملموس في مجال تقنيات الكتب وإنشاء المكتبات الرقمية؛ إلا أنه لا زال أمامها فجوة كبيرة جدًّا حتى تحقق الانتشار الكامل والمأمول، وعلى ذلك فإن تلك الفجوة تكمن في حقوق النشر والتأليف؛ فقد أصبح من السهل على بعض المحترفين إزالة التشفير عن ملفات الكتب والتلاعب بها، وهذا ما شكَّل هاجسًا خطيرًا يلاحق المؤلفين ويساهم في تزايد خوفهم من سرقة حقوقهم الفكرية الخاصة، إلا أننا يومًا بعد يوم نتلمس اهتمام الشركات المصنعة لبرامج إنشاء الكتب في حماية تلك البرامج من أيدي العابثين وزيادة الحصانة لها، وسد الثغور لمنع الوصول إليها والتلاعب بمحتواها، ويبقى دورنا نحن متمثلًا في نشر ثقافة المكتبات الرقمية والمساهمة في إنشائها؛ ولكن حتى يتم ذلك فإننا قد نتساءل ما الذي نحتاجه لبناء مكتباتنا الخاصة؟ إن أردنا أن نزيل الغموض عن هذا التساؤل فما علينا أولًا، سوى أن نحدد الهدف والفئة التي سنقوم بإنشاء المكتبة لها، بالتالي سيتضح أمامنا نوعية الكتب التي سندرجها في تلك المكتبة وموضوعاتها، ومن ثم يمكننا أن ننشئ الموقع بإضافة محرك بحث جيّد يساعد المستخدمين في البحث السريع والوصول إلى ما يريدون من عناوين، وبالسير على تلك الخطوات نكون قد أصبحنا نملك مكتبة رقمية بانتظار الكتب بفارغ الصبر.
بناء العقول..
إن تنمية الثقافة للأطفال منذ الصغر هي صلب البناء، وهي مسئولية كل مربٍّ سواء داخل الأسرة أو خارجها، ولا يتحقق هذا البناء إلا بالعناية الفائقة بمقوماته متمثلةً في زرع ثقافة القراءة في داخلهم منذ نعومة أظفارهم؛ فإن الأشياء البسيطة والهوايات التي نمارسها في صغرنا بشكل يومي ما تلبث أن تصبح عادات تلازمنا عندما نكبر، فمساعدة الطفل على البدء بالكتب الصغيرة والقصص المفيدة المشوِّقة وتعريفه بالمواقع الإلكترونية التي تثري هذا الجانب بأسلوب ممتع وجذاب يكسبه ثراءً معرفيًّا وإنماءً عقليًّا وصقلًا فكريًّا، وتجعل منه مستقبلًا قارئًا واعيًا وناقدًا، ومن تلك المواقع على سبيل المثال لا الحصر :
- موقع الشبكة الإسلامية للبنين والبنات ( www.kids.islamweb.net ) : فهو يحتوي على العديد من قصص الأنبياء والصحابة وعظماء الإسلام، بالإضافة إلى الكتب الصغيرة المناسبة لمرحلتهم العمرية والتي تعزز مكارم الأخلاق لدى النشء.
- موقع حرف الطفل (www.harfkids.com ) : وهو موقع جذاب جدًّا بمحتواه الشامل للغة العربية واللغة الإنجليزية وذلك من كتب مصورة ونصية لقصص الأنبياء وقصص القرآن ومجموعة من الحكايات المتفرقة.
والشبكة العنكبوتية اليوم تحتوي على عدد لا بأس به من المواقع المهتمة بثقافة الطفل، والتي نأمل في تزايد عددها ومحتواها في المستقبل القريب؛ فكما هو معلوم أن بناء العقول أجدى وأعظم من بناء الجسور، وكذلك فإن العبقرية إذا لم تتغذَّ بغذاء القراءة فمآلها أن تجف وتذبل بشكل سريع، والذكاء الفطري إذا لم يلازمه اطلاع واسع فبالتأكيد سينضبُ تدريجيًّا ويتحول إلى هباء.
ثورة العالم المخزونة !
يظلّ الكتاب المصدرَ الأول والأقدم في تثقيف وتعليم الإنسان على مرِّ العصور، ويظلُّ كذلك وقود هذا العصر والذي من خلاله نستطيع العودة إلى أدق تفاصيل الماضي والتخطيط للمستقبل، فبرغم هذا التطور الواضح الجليّ الذي شهده الكتاب إثر التحوّلات الطَّارئة والمتزايدة في عالمنا المعاصر وفي حين أنه عُوِّض أحيانًا بالكتاب الإلكتروني، فإنه يبقى وبلا شك أنّ للكتاب المطبوع رونقَه وأصالته وروحه التي تنبض سحرًا خاصًّا، فبين صفحاته تجد حياة الأزمان الماضية، وكل ما صنعته البشرية، فأبحر بداخله، وليكن إرثك الأول فلا يخلو كتابٌ من فائدة !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق